فصل: الْقِسْمُ الثَّانِي: مِنَ النَّقْدَيْنِ مَا يَكُونُ قَيِّمًا فِي الْمَتَاجِرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ:

وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَالْجُزْءِ الْوَاجِبِ وَالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَنْظَارٍ:

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي التَّسَبُّبِ:

وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابًا مِنَ الذَّهَبِ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا مَسْكُوكَةً أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مِنَ الْوَرِقِ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ غَيْرِ مَسْكُوكَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ النِّصَابُ فِي اللُّغَةِ الْأَصْلُ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّمَوْأَلِ:
وَنَحْنُ كَمَاءِ الْمُزْنِ لَا فِي نِصَابِنَا ** كَهَامٍ وَلَا مِنَّا يعد بخيل

وَأَصله الْمنَار وَهُوَ الْعَلَمُ وَمِنْهُ الأَنْصَابُ حِجَارَةٌ نُصِبَتْ عَلَمًا لِلْعِبَادَةِ وَأُخِذَتْ مِنَ الِارْتِفَاعِ لِأَنَّ نَصَائِبَ الْحَوْضِ حِجَارَةٌ تُرْفَعُ حَوْلَهُ وَالنِّصَابُ أَصْلُ الْوُجُوبِ وَعَلَمٌ عَلَيْهِ ومرتفع عَن الْقلَّة فاجتمعت المعانني كها فِيهِ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمِكْيَالُ عَلَى مِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ أَخْبَرَنِي كُلُّ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ بِمَكَّةَ وَزْنُهُ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ فَالدِّرْهَمُ الْمَكِّيُّ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ الْحَبَّةِ وَعُشْرِ عشر حَبَّةٍ قَالَ سَنَدٌ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ بَغْلِيَّةً ثَمَانِيَةَ دَوَانِقَ وَطَبَرِيَّةً أَرْبَعَة دوانق فَجمعت فِي الْإِسْلَام وكل جعل كُلَّ دِرْهَمٍ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْبَغْلِيَّةُ كَبُرَتْ لِرَدَاءَتِهَا وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَالظَّاهِرُ مِنَ الِاجْتِمَاعِ أنَّمَا كَانَ لإذهَاب تِلْكَ الرَّدَاءَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ وَإِنَّ الدِّرْهَمَ كَانَ مَعْلُومًا فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِذَلِكَ رَتَّبَ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ وَكَانَت الْأُوقِيَّة فِي زَمَنه أَرْبَعِينَ وَالسّن نِصْفَ أُوقِيَّةٍ وَالنَّوَاةُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرُ فِي الْأَحْكَامِ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ اثْنَا عَشَرَ فِي الدِّيَةِ وَالنِّكَاحِ وَالسَّرِقَةِ وَيَجْمَعُهَا أَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ وَاثْنَانِ عشرَة عشرَة فِي الزَّكَاة والجزية لِأَن تقسيط الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْمُقَدَّرِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَقْتَضِيهِ.
تَنْبِيهٌ:
الدِّرْهَمُ الْمِصْرِيُّ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمِ الزَّكَاةِ فَإِذَا أَسْقَطْتَ الزَّائِدَ كَانَ النِّصَابُ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ مِائَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَحَبَّتَيْنِ فَقَطْ.
وَالنَّقْدَانِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَعْيَانٌ مَوْجُودَةٌ وَقِيَمُ الْمَتَاجِرِ وَدُيُونٌ فِي الذِّمَّةِ:

.الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ عِنْده فلوس قيمتهَا مايتا دِرْهَمٍ لَا زَكَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فتجري مجْرى الْعرض وَكره أُعِدَّتْ لِلْمُعَامَلَةِ وَجَبَتْ فِي قِيمَتِهَا الزَّكَاةُ وَلَا يعْتَبر وَزنهَا اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالرِّبَا أَنَّ الرِّبَا فِيهَا وَقَالَ ش ح إِذا الرِّبَا اشد لِأَن الْبَين عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْمَطْعُومَاتِ عِنْدَ ش وَالْمِكْيَالَاتِ عِنْدَ ح رَبَوِيَّاتٌ وَلَيْسَتْ كُلُّهَا زَكَوِيَّةً مَعَ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُحَرِّمْ وَإِنَّمَا كَرِهَ الرِّبَا فِيهَا.

فروع خَمْسَة:
الأول: مَا زَاد على النّصاب أَخذ مِنْهُ بِحِسَابِهِ عِنْد مَالك وش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ طَاوُسٌ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْنِ أُخْرَى وَقَالَ ح لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَصِيرَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَالدَّنَانِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مُحْتَجًّا بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيل وَالرَّقِيق فهاتوا صَدَقَة الرقة من كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» وَلِأَنَّهُ نِصَابٌ مُزَكًّى فَيَكُونُ لَهُ وَقَصٌ كالمائية وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِذَا كَانَ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ يَعْنِي فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ» وَفِي سَنَدِهِ وَهَنٌ وَلِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِجْمَاعًا بِمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ التجزئة فِي الْمَوَاشِي عشرَة بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَالْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُبُوبِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَوَاشِي لِأَجْلِ تَيْسِيرِ التَّجْزِيءِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِ النِّصَابِ.
فَائِدَةٌ:
الرِّقَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِهَا الدَّرَاهِمُ الْمَسْكُوكَةُ لَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا وَالْوَرِقُ الْمَسْكُوكُ وَغَيْرُهُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ.
الثَّانِي:
لَوْ كَانَتِ الْمِائَتَانِ نَاقِصَةً تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَمَعْنَى النُّقْصَانِ أَن تكون فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ فَإِنْ نَقَصَتْ فِي الْجَمِيعِ فَلَا زَكَاةَ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بَلْ فِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا تَسَامَحَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ نَقَصْتَ كُلَّ دِينَارٍ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تُغْتَفَرُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَفِي الْمُوَطَّأ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُرِيدُونَ مِنَ التِّجَارَةِ مَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ وَجَبت الزَّكَاة كَانَ النَّقْص مَا كَانَ بِحُصُول الْمَقْصُودِ هَذَا فِي الْمَسْكُوكَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ عبد الْمَالِك إِذَا نَقَصَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ دِرْهَمًا مِنَ الْمِائَتَيْنِ أَوْ ثُلُثَ دِينَارٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ قَالَ وَتَعَارُضُ الْمَوَازِينِ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْخِبْرَيْنِ وَالْقِيَاسَيْنِ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ زَمَانِنَا وَيُزَكِّي أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْكَيْلِ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ش وح إِذَا نَقَصَ النِّصَابُ حَبَّةً لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ عَنْ مَالِكٍ.
الثَّالِثُ:
إِذَا كَانَ النَّقْدُ مَغْشُوشًا يَسِيرًا جِدًّا كَالدَّانَقِ فِي الْعَشْرَةِ فَلَا حُكْمَ لَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ حَقُّ النَّقْدِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ الْحَنَفِيُّ وَابْنُ النَّجَّارِ مِنَّا الْحُكْمُ لِلْأَغْلَبِ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ يَضُمُّ الذَّهَبَ إِلَى الْوَرِقِ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِالْقِيمَةِ وَيُخْرِجُ مِنْ كل صنف ربع عشره وَقَالَهُ ح وش وَابْن حَنْبَل وَقَالَ هما جِنْسَانِ لَا يمتع التَّفَاضُل بَينهمَا فَيمْتَنع الضَّم كالابل مَعَ الْبَقر وَالْفرق أَنَّهُمَا رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَالْوَاجِبُ فِي الْجَمِيعِ رُبُعُ الْعشْر بِخِلَاف غَيرهَا وَقَالَ ح يكمل النّصاب بالورق أوالقيمة لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَجَوَابُهُ لَوْ مَلَكَ عَشْرَةً قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ إِجْمَاعًا وَأَمَّا الْإِخْرَاجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فَلِأَنَّهُ أَعْدَلُ للْفُقَرَاء والأغنياء مَعَ عِلّة الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الْحُبُوبِ لَمَّا عَظُمَ الْخِلَافُ فِيهَا اعْتُبِرَ الْوَسَطُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ.
فَائِدَةٌ:
هَنْدَسِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ يُعْلَمُ بِهَا النَّقْدُ الْمَغْشُوشُ هَلْ هُوَ مَغْشُوشٌ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا فَمَا مِقْدَارُ غِشِّهِ وَهَلِ الْغِشُّ مِنَ النَّقْدِ الزَّكَوِيِّ فَيُضَمَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَيُطْرَحَ مِنْ غَيْرِ حِمَا بِالنَّارِ وَلَا بَرْدٍ بِالْمِبْرَدِ وَلَا حَكٍّ بِالْمَيْلَقِ بَلْ يُعْلَمُ ذَلِكَ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عَلَى حَالَيْهِمَا مِنْ سِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ أَوْ تَرْصِيعِ فُصُوصٍ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِنْحَتِهِ وَهِيَ فَائِدَةٌ يَحْتَاجُهَا الْفُقَهَاءُ وَالْقُضَاةُ فِي أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْمُلُوكُ وَأَرْبَابُ الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ وَهِيَ من عجائب المعقولات مِمَّا تَعب الأقدمون التَّعَب الْكَثِيرَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَّخِذَ مِيزَانًا تَتَحَرَّكُ عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ مِنْ طَرَفِ الْعَمُودِ إِلَى وَسَطِهِ وَيَعْمَلُ عَلَى طرف العمود عَلامَة مُتَقَارِبَةً مُتَنَاسِبَةَ الْبُعْدِ مُحَرَّرَةَ التَّسَاوِي ثُمَّ تَأْخُذُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَيْنِ وَتُسَوَّى زِنَتُهُمَا فِي الْهَوَاءِ وَلْتَكُنْ كِفَّتَا الْمِيزَانِ مِنْ جِسْمٍ يَغُوصُ فِي الْمَاءِ مُتَسَاوِيَتَيِ الزِّنَةِ وَالْمِسَاحَةِ ثُمَّ نَزِّلْهُمَا فِي مَائِعٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ سَهْلِ الْحَرَكَةِ كَالْمَاءِ الصَّافِي وَنَحْوِهِ فَيَحْصُلُ فِي كِفَّةِ الذَّهَبِ مِنَ الْمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي كِفَّةِ الْفِضَّةِ لِيَتَلَزَّزَ الذَّهَبُ فَتُحَرِّكُ عِلَاقَةَ كِفَّتِهِ عَلَى الْعَمُودِ حَتَّى يُسَاوِيَ الْفِضَّةَ فِي الْمَاءِ كَمَا سَاوَاهَا فِي الْهَوَاءِ وَتَحْفَظُ عَدَدَ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ الَّتِي قَطَعَتْهَا عِلَاقَةُ كِفَّتِهِ وَلْتَكُنْ سِتَّةً مَثَلًا فَيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الذَّهَبِ الْخَالِصِ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ وَنَفْرِضُ أَنَّ الْجِرْمَ الْمُمْتَحَنَ ذَهَبٌ فَتَزِنُهُ بِفِضَّةٍ خَالِصَةٍ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ تَضَعُهَا فِي الْمَاءِ فترجح كفة الممتحن لتلزز الذَّهَب فتسوي بَيْنَهُمَا فِي الْمَاءِ بِتَحْرِيكِ الْعِلَاقَةِ عَلَى الرَّدِّ فَإِنْ قَطَعَتِ الْعِلَاقَةُ تِلْكَ الْعَلَامَاتِ السِّتَّ فَهُوَ خَالِصٌ لَا غِشَّ فِيهِ وَإِنْ حَصَلَتِ الْمُسَاوَاةُ دُونَ ذَلِكَ وَلْتَكُنْ حَصَلَتْ بِالْحَرَكَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ فَقَدْ بَقِيَ الثُّلُثُ فَثُلُثُهُ فِضَّةٌ وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ أَوْ يَعْمَلُ جِرْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيِ الْعَظْمِ أَحدهمَا ذهب خَالص وَالْآخر فضَّة خَالِصَة وتحرر وَزْنَهُمَا وَلْتَكُنِ الْفِضَّةُ أَرْبَعَةً وَالذَّهَبُ خَمْسَةً وَيَعْمَلُ جِرْمًا آخَرَ مُسَاوِيًا عَظْمُهُ لِعَظْمِ الْمُمْتَحَنِ فِضَّةً خَالِصَةً وَلِتَعْرِفْ وَزْنَهُ وَلْتَكُنْ سَبْعَةً وَوَزْنُ الْمُمْتَحَنِ ثَمَانِيَة بِزِيَادَة الممتحن وَاحِد ونسبته الى السَّبْعَة نِسْبَةُ السُّبْعِ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ فِي الذَّهَبِ الْخَالِصِ إِلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ نِسْبَةُ الرُّبُعِ فَفِي الْمُمْتَحَنِ مِنَ الْغِشِّ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الرُّبُعِ وَالسُّبُعِ فَلَوْ كَانَ الْمُمْتَحَنُ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا وَرُبْعًا حَتَّى يكون لزائد مِثْلَ رُبُعِ الْفِضَّةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ كَانَ خَالِصًا فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْنَا وُجُودُ فِضَّةٍ مُتَسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطِ عَمِلْنَا جِرْمَيْنِ مِنْ شَمْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَحَدُهُمَا مسَاوٍ عظمه لعظم المختلظ وَالْآخَرُ يُسَاوِي عَظْمُهُ عَظْمَ فِضَّةٍ مُسَاوِيَةٍ لِلْمُخْتَلِطَةِ أَعْدَدْنَاهَا ثُمَّ تَعْرِفُ زِنَةَ الشَّمْعَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَةُ زِنَةِ شَمْعِ الْمُمْتَحَنِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ زِنَةِ شَمْعِ الْفِضَّةِ إِلَيْهَا فَالْمُمْتَحَنُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا فَاجْعَلْ مَكَانَ الْفِضَّةِ ذَهَبًا فَإِنَّ عسر اتِّخَاذ جرم يُسَاوِي عظمه عَظْمَ الْمُخْتَلِطِ فَتَزِنُهُ بِصَنْجٍ فِي الْهَوَاءِ فِي مِيزَانٍ مُحْكَمٍ ثُمَّ تُزِيلُهُ مِنَ الْمِيزَانِ وَتَمْلَأُ كِفَّتَيْهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَضَعُ الْمُمْتَحَنَ فِي الْكِفَّةِ فَيَطْلَعُ بَعْضُ الْمَاءِ وَتُرَجِّحُ الْكِفَّةَ فَتُقَابِلُهُ بِالصَّنْجِ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّنْجُ أَكْثَرَ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ إِنْ كَانَ جَوْهَرُهَا أَخَفَّ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ لِأَنَّ الْخَالِصَ حِينَئِذٍ مِنَ الْمَاءِ مَعَهَا أَقَلُّ وَمَعَ الْمُمْتَحَنِ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَتْ أَثْقَلَ مِنْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ صَنْجِ الْهَوَاءِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِصَنْجِ الْهَوَاءِ ثُمَّ تَحْفَظُ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الصَّنْجِ وَقِلَّتِهَا وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِجِسْمٍ خَالِصٍ مِنَ الذَّهَبِ إِن كَانَ الممتحن ذَهَبا أَو فضَّة إِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَإِنِ اسْتَوَتِ النِّسْبَتَانِ فَهُوَ خَالِصٌ أَوِ اخْتَلَفَتَا فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِقَدْرِ الِاخْتِلَافِ وَبِهَذِهِ الطَّرِيقِ يَمْتَحِنُ سَائِرَ الْمَعَادِنِ.
الْخَامِسُ:
حُلِيُّ التِّجَارَةِ الْمُفَصَّلُ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ يُزَكِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُدِيرِ وَزْنَهُ كُلَّ عَامٍ وَالْحِجَارَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْمُدِيرُ يُقَوِّمُ الْحِجَارَةَ فِي شَهْرِ زَكَاتِهِ وَيُزَكِّي وَزْنَ الْحُلِيِّ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ كَانَ مَرْبُوطًا بِالْحِجَارَةِ رَبْطَ صِيَاغَةٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَأْثِيرَ لِلرَّبْطِ فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ تَبَعًا لِلْحِجَارَةِ وَوَزْنِهِ زَكَّى الذَّهَبَ تَحَرِّيًا كُلَّ عَامٍ وَإِذَا بَاعَ زَكَّى مَا يَنُوبُ الْحِجَارَةَ بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ الْحِجَارَةَ وَزَكَّى وَزْنَهُ تَحَرِّيًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ تُقَوَّمُ الصِّيَاغَةُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الذَّهَبَ كُلَّ عَامٍ تَحَرِّيًا وَثَمَّنَ الْحِجَارَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِعَامٍ وَاحِدٍ فَعَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى الْحُلِيِّ مَصُوغًا وَقِيمَةِ الْحِجَارَةِ وَعَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْفَضِّ بَلْ يُسْقِطُ عَدَدَ مَا زَكَّى تَحَرِّيًا وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ النَّزْعُ فَهَلْ يُعْطِي كُلَّ نَوْعٍ حُكْمَهُ بِالتَّحَرِّي أَوْ يُغَلِّبُ الْحِجَارَةَ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ عَرْضًا أَو يكون الحكم للْأَكْثَر.

.الْقِسْمُ الثَّانِي: مِنَ النَّقْدَيْنِ مَا يَكُونُ قَيِّمًا فِي الْمَتَاجِرِ:

وَالتَّاجِرُ إِمَّا أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالْمُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ إِمَّا أَنْ يَنْتَظِرَ حِوَالَة الْأَسْوَاق وَهُوَ المحتكر أَولا وَهُوَ الْمُدِيرُ وَالْمُبَاشِرُ لِغَيْرِهِ هُوَ الْمُقَارِضُ فَهَذِهِ ثَلَاث حالات الحاله الأولى المحتكر فَتجب الزَّكَاةُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التَّوْبَة: 103) وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
فُرُوعٌ سِتَّةٌ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اشْتَرَى بعض كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ تَخْلُ نِيَّتُهُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَاعَ فَإِنِ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُقْتَنًى تَنَزَّلَ الْمُشْتَرَى مَنْزِلَةَ أَصِلِهِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ قَالَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِعَيْنِ زَكَاتِهِ وَلَا مَا تَضْمَنُهَا فَهُوَ كَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْغَنِيمَةِ إِذَا نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْقِيَمِ تَابِعَةٌ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ وَلَا عَيْنَ فَلَا زَكَاةَ فَإِنِ اشْتَرَاهُ لِعَيْنٍ بَنَاهُ عَلَى حَوْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ بَعْدَ حَوْلِ الْعَيْنِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُزَكِّي حَتَّى يَبِيعَ خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) وَخَيَّرَاهُ بَيْنَ إِخْرَاجِ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَنَا أَنَّ وُجُودَ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ مُعْتَبَرٌ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الِانْتِهَاءِ فَإِنْ زَكَّى قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ تُجِزْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يَرَى الْوُجُوبَ مُتَحَقَّقًا وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ الْإِخْرَاجُ عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الدَّيْنِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَ عَرْضَ التِّجَارَةِ فَأَخَذَ قيمَة بَنَاهَا عَلَى حَوْلِهِ كَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ ثَمَنٌ بِالْعَقْدِ وَالْقِيمَةُ ثَمَنٌ بِالشَّرْعِ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْمُقَوَّمِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً فَإِنْ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ فَهِيَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ لَا تُزَكَّى بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أَخَذَ مِنَ الْمُتَعَدِّي عُرُوضًا فَلَا زَكَاةَ وَلَوْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ بِثمن فَلم يَقْبِضْهُ حَتَّى أَخَذَ عَنْهُ عَرْضًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَيْنِ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي حِينَئِذٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْمِائَةِ ثَوْبًا فَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ فَلَا يُزَكِّي إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ أَوْ يَبِيعُ بِنِصَابٍ لِأَنَّ الْقِيَمَ أُمُورٌ مُتَوَهَّمَةٌ وَإِنَّمَا يُحَقِّقُهَا الْبَيْعُ.
الرَّابِعُ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَكَاتَبَهُ فَعَجَزَ أَوِ ارْتَجَعَ مِنْ مُفْلِسٍ سِلْعَتَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ عَبْدًا فِي دَيْنِهِ أَوْ دَارًا فَأَجَرَهَا سِنِينَ رَجَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِحُكْمِ أَصْلِهِ مِنَ التِّجَارَةِ فَإِنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بنية الْقِنْيَةِ وَالْعَبْدُ الْمَأْخُوذُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَصِلِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ ابْتَاعَ الدَّارَ أَوْ غَيْرَهَا بِقَصْدِ الْغَلَّةِ فَفِي اسْتِئْنَافِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِمَالِكٍ رِوَايَتَانِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاسْتِئْنَافَ وَلَوِ ابْتَاعَهَا لِلتِّجَارَةِ وَالسُّكْنَى فَلِمَالِكٍ قَوْلَانِ مُرَاعَاةً لِقَصْدِ الثَّمَنِيَّةِ بالغلة وَالتِّجَارَة وتغليبا لِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ عَلَى نِيَّةِ الثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ فَإِنِ اشْتَرَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ مَا لَهُ ظَاهر فَهُوَ منصرف لظاهره الا عِنْد قيام الْمعَارض الرَّاجِح وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ لَا يَتَرَجَّحُ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ وَلِذَلِكَ انْصَرَفَتِ الْعُقُودُ إِلَى النُّقُودِ الْغَالِبَةِ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيهَا وَإِلَى تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ لنَفسِهِ دون موَالِيه لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَإِلَى الْحِلِّ دُونَ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِ الْمُسْلِمِ وَإِلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ من الْعين عرفا لِأَنَّهُ ظَاهر فِيهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِهَا وَاحْتَاجَتِ الْعِبَادَاتُ إِلَى النِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَادَاتِ وَتَرَدُّدِهَا بَيْنَ مَرَاتِبِهَا مِنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَغَيْرِهِ والكائنات الى المميزات لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْمَقَاصِدِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتَرَى أَرْضًا فَابْتَاعَ طَعَامًا فَزَرَعَهُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ يَوْمَ حَصَادِهِ إِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ثُمَّ ابْتَدَأَ حَوْلًا وَقَوَّمَهُ بَعْدَهُ ان كَانَ مديرا وَله عين سواهُ وَإِلَّا زَكَاة بعد البيع بعد حَوْلٍ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَهُ انْتَظَرَ الْحَوْلَ إِنْ كَانَ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَا يُزَكَّى مَالٌ فِي حَوْلٍ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ زَرَعَهَا بِطَعَامِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ فَزَرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ زَكَّاهُ يَوْمَ حَصَادِهِ إِنْ كَانَ خَمْسَة أَو سُقْ فَإِنْ بَاعَهُ فَالثَّمَنُ.
فَائِدَةٌ:
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ عَن الارض وَالْبذْر كَتَوَلُّدِ السِّخَالِ عَنِ الْمَاشِيَةِ فَلَمَّا كَانَ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ سَقَطَ حُكْمُهَا تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ فِي الْقِنْيَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ فِي حُكْمِ الزَّرْعِ إِنَّهُ لِلْأَرْضِ كَمَا غَلَبَتِ الْأُمُّ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ فِي الزِّنَا عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ لِلْبَذْرِ وَالْعَمَلِ نَظَرًا لِلْكَثْرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ يَفُضُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمَا نَابَ مَا للتِّجَارَة زُكِّيَ وَلَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ مَاشِيَةً وَجَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ دُونَ التِّجَارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَأَسْقَطَ أَشْهَبُ الزَّكَاةَ فِي وَجْهَيِ الزِّرَاعَةِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَالِبًا بَلْ هَذَا كَمُبْتَاعِ الْغَنَمِ لِلَبَنِهَا وَالْعَبْدِ لِغَلَّتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ مُدِيرًا وَحَلَّ شَهْرُهُ وَالزَّرْعُ بَقَلَ قَوْمَهُ بَقْلًا وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ تَعَلُّقِ زَكَاةِ الزَّرْعِ بِهِ لَا يُقَوِّمُهُ وَلَا تَبْنِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْحَبِّ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَالْمَالُ لَا يُزَكَّى فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى غَنَمًا فَزَكَّاهَا زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ فَلَا يُزَكَّى ثَمَنُهَا الا بعد حول من حِينَئِذٍ فَإِن حل حوله بَعْدَ زَكَاةِ الْحَبِّ زَكَّى نَاضَّهُ وَعُرُوضَهُ وَتَبَّنَ الْحَبَّ وَلَا يُزَكَّى الْحَبُّ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ وَكَذَلِكَ ثَمَنُهُ إِنَّ بَاعَهُ.
السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ مَنِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ثمَّ نوى الْقنية سَقَطت الزَّكَاة وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَفِي الْجُلَّابِ لَوِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ فَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بَلْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهَا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهَا فِعْلُ الْخُرُوجِ وَيَصِيرَ مُقِيمًا بِهَا لِسَلَامَتِهَا عَنْ مُعَارَضَةِ الْأَصْلِ.
الثَّانِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْقِنْيَةِ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ وَجَدَ حَقِيقَة البيع للربح وَلم يُوجد وَقَالَ اشعب لَا تَبْطُلُ التِّجَارَةُ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ السَّابِقَ وَهُوَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ أَقْوَى مِنَ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ مَقْصِدٌ وَهِيَ وَسِيلَةٌ وَالْمَقَاصِدُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَسَائِلِ الْحَالة الثَّانِيَة الادارة كَالْخَيَّاطِ وَالزَّيَّاتِ وَمَنْ يَنْقُلُ الْقُمَاشَ إِلَى الْبِلَادِ فَيَجْعَلُ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَ التِّجَارَةِ فَيُزَكِّي قِيمَتَهَا مَعَ عَيْنِهِ وَدَيْنِهِ إِلَّا مَا لَا يَرْتَجِيهِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ لَوْ تَأَخَّرَ بَيْعُهَا وَقَبَضَ دَيْنَهُ عَامًا آخَرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْتَكِرِ أَنَّ ضَبْطَ حَوْلِ كُلِّ سِلْعَةٍ مَعَ تكَرر ذَلِك مَعَ مُرُور الْأَيَّامِ عُسْرٌ فَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ بِذَلِكَ أَضْرَرْنَا بِهِ أَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ أَضْرَرْنَا بِالْفُقَرَاءِ فَكَانَتِ الْمُصْلَحَةُ الجامعة كَمَا ذَكرْنَاهُ وَسوى ش وح بَيْنَهُمَا وَقَالَ سَنَدٌ وَمَبْدَأُ الْحَوْلِ الْيَوْمُ الَّذِي يُزَكَّى فِيهِ الْمَالُ قَبْلَ إِدَارَتِهِ أَوْ يَوْمَ إِفَادَتِهِ إِنْ كَانَتِ الْإِدَارَةُ قَبْلَ تَزْكِيَتِهِ فَيُبْنَى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنِ اخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهُ جَرَى عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمِّ الْفَوَائِدِ إِذَا اخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ أَوْ لَهُ لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنَ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ يَبِيعُ الْعَرْضَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْقِيَمِ فَلَوْ أَخْرَجَ الْعَرْضَ لَكَانَ كَإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَيْضًا ش وح يُخَيّر بَين البيع واخراج الثّمن وَبَين اخراج الْعَرْضِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُرْتَبِطَةٌ بِالْعُرُوضِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَهِيَ الْكَائِنَةُ فِي الْحَوْلِ وَالْقِيَمُ مُتَوَهَّمَةٌ لَمْ تُوجَدْ وَمُرْتَبِطَةٌ بِالْقِيَمِ لِأَنَّهَا النِّصَابُ وَهِيَ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ فَخُيِّرَ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ نَافِع لَا يُزكي حَتَّى ينض عشرُون دِينَارًا بَعْدَ حَوْلٍ فَيُزَكِّيهَا ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَلَّ وَلَا يُقَوِّمُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ بِشَرْطِ النُّضُوضِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُدِيرٍ لَا يُقَوِّمُ بَلْ مَتَّى نَضَّ لَهُ شَيْءٌ زَكَّاهُ مَا صَنَعَ إِلَّا خَيْرًا وَمَا أَعْرِفُهُ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالتَّقْوِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّقْوِيمِ فَيُقَوَّمُ مَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَمَا يُبَاعُ غَالِبًا بِالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ قِيمَةُ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنْ كَانَتْ تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَيَا بِالنِّسْبَةِ الى الزَّكَاة يُخَيّر والاضمن قَالَ الْأَصْلُ فِي الزَّكَاةِ الْفِضَّةُ قَوَّمَ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُمَا أَصْلَانِ فَقَالَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ الْأَفْضَلَ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَحِقَهُمْ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُقَوَّمُ دَيْنُهُ مَحْمُولٌ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ أَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْقَرْضَ مَصْرُوفٌ عَنِ الْإِدَارَةِ كَعَرْضٍ ادَّخَرَهُ لِلْكُسْوَةِ أَوِ الْقِنْيَةِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ لَا يُحْسَبُ وَلَا يُقَوَّمُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقَوِّمُهُ لِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ على ملئ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مُرْضِيَةٌ زَكَّاهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى مُوسِرٍ فَلَا يُزَكِّيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَئِمَّةِ لِتَعَذُّرِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ فَأَشْبَهَ الْمُعْسِرَ وَعِنْدَ ابْن الْمَاجشون يقومه لَا مَكَان بَيْعه واذا كَانَ لَهُ مَال غَائِب لايعلم خَبره قَالَ ملك لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَعْلَمَ خَبَرَهُ فَيُزَكِّيهِ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُعْسِرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ عَدَدُهُ إِنْ كَانَ عينا أوالقيمة إِنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَقْوِيم دينه من الطَّعَام نظرا لكَونه بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَمْ لَا.

فُرُوعٌ ثَمَانِيَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ نَخْلَ التِّجَارَةِ وَقَالَهُ ابْن حبيب (ح) خلافًا (ش) دُونَ تَمْرِهَا لِأَنَّ التَّمْرَةَ زَكَاةُ الْخَرْصِ وَلِأَنَّهَا كَخَرَاجِ الدَّابَّةِ وَالْعَيْنِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَت النخيل مُثْمِرَةً وَاشْتَرَطَ ثَمَرَتَهَا وَقَدْ طَابَتْ فَزَكَاتُهَا مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَطِبْ وَكَانَتْ يَوْمَ التَّقْوِيمِ لَا تَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ قُوِّمَتْ مَعَ الرِّقَابِ وَإِنْ بَلَغَتْ فَيُحْتَمَلُ أَلَّا تقوم لِأَنَّهَا آئلة إِلَى الزَّكَاةِ فِي عَيْنِهَا وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ التَّقْوِيمُ وَإِنْ طَابَتْ يَوْمَ التَّقْوِيمِ وَبَلَغَتِ الزَّكَاةَ زَكَّى عَيْنَهَا وَلَا تُقَوَّمُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُقَوِّمُ الْمُدِيرُ غَنَمَهُ وَإِنِ ابْتَاعَهَا للتِّجَارَة ولترك رِقَابِهَا كُلَّ عَامٍ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْوَاجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَمِيرِ لَنَا أنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَقْوَى لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ وَلِأَنَّهُ يجب باجماع ويستغنى عَن النِّيَّة وتؤكد ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ بِالْوُجُوبِ فِي الْمَاشِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ دُونَ النِّصَابِ قَالَ مَالِكٌ يُقَوِّمُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِلْقِنْيَةِ لِتَقَدُّمِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَإِنْ زَكَّى عَيْنَهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَحَوْلُ ثَمَنِهَا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ عَيْنِهَا كَالزَّرْعِ إِذَا بَاعَهُ بَعْدَ تعشيره وَيَنْقَطِع عَن حول إدارته لِأَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَإِنْ زَكَّى قِيمَتَهَا ثُمَّ نَتَجَتْ فَصَارَ نِصَابًا لَمْ يُزَكِّهَا السَّاعِي إِلَّا الى حول من يَوْم زَكَاة الْقيمَة لَيْلًا يُزَكَّى الْمَالُ فِي الْحَوْلِ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ نِصَابا فَلم يَتِمَّ حَوْلُهَا حَتَّى بَاعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَيُزَكِّي ثمنهَا لعدم مزاحمة زَكَاة الْعين فِي الْكِتَابِ لَوْ زَكَّى النَّقْدَ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ غَنَمًا بَعْدَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا وَفِي الْجُلَّابِ رِوَايَةٌ فِي بِنَائِهِ عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ.
الثَّانِي:
قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ يَشْتَرِي مَا يصبغه ثمَّ يَبِيعهُ قوم مَعَه مَاله عَيْن مَقْصُودة كَالصَّبْغِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ كَخَيْطِ الْحَرِيرِ يَخِيطُ بِهِ أَوْ يُطَرِّزُ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الصَّنْعَةُ دُونَ الْخَيط وكالصابون يغسل بِهِ وَلَا تُقَوَّمُ آلَاتُ صَنْعَتِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ لِلْبَيْعِ.
الثَّالِثُ:
قَالَ سَنَدٌ وَلَا يُقَوِّمُ كِتَابَةَ مُكَاتِبِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْإِدَارَةِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَحْسِبُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوِ الْكِتَابَةِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَارَ عَرْضُهُ قَوَّمَهُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ قَالَ يَبْطُلُ حُكْمُ الْإِدَارَةِ وَلَمْ يَحِدَّ لِذَلِكَ حَدًّا وَحَدَّهُ سَحْنُونٌ بِعَامَيْنِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا نَضَّ لَهُ وَسَطَ السَّنَةِ أَوْ فِي طَرَفِهَا وَلَو دِرْهَمٌ وَاحِدٌ قَوَّمَ عُرُوضَهُ لِتَمَامِهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ نَضَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ قَوَّمَ وَكَانَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَأَلْغَى الْوَقْتَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْعَيْنُ فَإِذَا فُقِدَتْ سَقَطَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَوَّمُ حَتَّى يَمْضِيَ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ بَاعَ بِذَلِكَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ دَخَلَ فِي حَالِ الْمُدِيرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ قَوَّمَ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْعَيْنِ لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَهَا قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ اشهب لَا يُزكي حَتَّى حَتَّى يَنِضَّ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا بِمَا عِنْدَهُ مِنْ عَيْنِ بَيْعٍ أَوِ اقْتِضَاءٍ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمَّا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً كَانَ النِّصَابُ مُعْتَبَرًا فَتَكُونُ الْقِيمَةُ تَبَعًا لَهُ وَكُلُّ هَذِهِ الْفُرُوعِ إِذَا ابْتَدَأَ التِّجَارَةَ بِالْعَيْنِ فَلَوْ وَرِثَ عَرَضَا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ لِلْقِنْيَةِ فَأَدَارَهَا فَلَا يُزَكِّي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وان نض لَهُ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا زَكَاةٌ فِي الْحُكْرَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الْإِدَارَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَعْزِلَ مَا يَبْتَاعُهُ مِمَّا يَنِضُّ لَهُ فَيَكُونُ إِدَارَةً دُونَ الْأَوَّلِ وَإِنَّ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً نَظَرَ إِلَى قِيمَتِهَا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الِابْتِيَاعِ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا وَإِلَّا ضَمَّ مَا ابْتَاعَهُ ثَانِيًا إِلَيْهِ حَتَّى يَحْصُلَ النِّصَابُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ رُوعِيَ نُضُوضُ الْعَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ بِيعَ بِدَيْنٍ اعْتُبِرَ بَعْدَ قَبْضِهِ مَا ابْتَاعَ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَكُونُ مُدِيرًا مِنْ يَوْمِ بَاعَ لِأَنَّهُ سَلَكَ بِالدَّيْنِ مَسْلَكَ التِّجَارَةِ وَسَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَ نَضُوضِ وَسَطَ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ وَقَالَ عبد الْوَهَّاب لَا بُد مِنْهُ آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ زَمَنُ الْوُجُوبِ وَالنَّضُوضُ شَرْطٌ فِي كُلِّ عَامٍ.
السَّادِسُ:
قَالَ سَنَدٌ: اخْتِلَاطُ أَحْوَالِ الْمُدِيرِ كَاخْتِلَاطِ أَحْوَالِ الْفَوَائِدِ وَلَوْ أَدَارَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يُزكي دينه حَنى يَقْبِضَهُ وَلَا عَرْضَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَوْلِ.
السَّابِعُ:
قَالَ لَوْ كَانَ بَعْضُ مَاله مدارا أَو بعض غير مدَار وهما متساوينا فَلِكُل مَال حكمه وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَدَارَ الْأَكْثَرَ زَكَّى الْجَمِيعَ أَوِ الْأَقَلَّ زَكَّاهُ وَانْتَظَرَ بِالْآخَرِ حوله لِأَن زَكَاة الادارة أقوى من الحكر لِإِخْرَاجِهَا مِنَ الدَّيْنِ وَالْعَرْضِ وَبِأَدْنَى نُضُوضٍ بِخِلَافِ الْحُكْرَةِ فَتَكُونُ مَتْبُوعَةً لَا تَابِعَةً وَقَالَ عَبْدُ الْملك الاقل تَابعا مُطلقًا لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ وَقَالَ أَصْبَغُ بِعَدَمِ التّبعِيَّة مُطلقًا.
الثَّامِن:
قَالَ لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالُ فَائِدَةٍ فَخَلَطَهَا بِمَالِ الْإِدَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ زَكَّى كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حَوْلِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ بَقِيَ مِنَ الْحَوْلِ يَسِيرٌ أَلْغَى الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ الْمُقَارَضَةُ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ مَالَهُ عَنِ الْعَامِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُخَاطب بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مُنْفَرِدًا فِيهَا يَنُوبُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا مُخَاطَبٌ لِكَوْنِهِمَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ لِقُصُورِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنِ النِّصَابِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ سَقَطَتْ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا فَقَطْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتى سَقَطت عَن احداهما سَقَطَتْ عَنِ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ وَرَوَى أَشْهَبُ الِاعْتِبَارُ بِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ يُزَكِّي مِلْكَهُ فَإِذَا خُوطِبَ وَجَبَتْ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يكن اهلا وَفِي كتاب مُحَمَّد ابْن الْمَوَّازِ يُعْتَبَرُ حَالُ الْعَامِلِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا بِالنِّصَابِ وَغَيْرِهِ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اقْتَسَمَا قَبْلَ الْحَوْلِ يُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ لِتَمَامِ حَوْلِهِ وَلَا يُزَكِّي الْعَامِلُ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْقِسْمَةِ وَحُصُولِ النِّصَابِ فِي الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ أَوْ هُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ربحه لم يزدْ الْعَامِلُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات لِابْنِ الْقَاسِم فِي الْحول قَولَانِ احداهما يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ دُونَ عَمَلِ الْعَامِلِ وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَهُ الْعَامِلُ وَلَهُ فِي النِّصَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا يُشْتَرَطُ فِي نِصَابِ رَبِّ الْمَالِ بِرِبْحِهِ وَيُزَكَّيَانِ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصَابٌ أَمْ لَا وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَجَمِيعِ الرِّبْحِ وَالثَّالِثُ يُعْتَبَرُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ رَبِّهِ وَيُعْتَبَرُ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَا نِصَابَيْنِ زَكَّى الْعَامِلُ وَإِلَّا فَلَا يَجْرِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ بَلْ يَنْبَغِي لِمَا اشْتُرِطَ فِي التَّزْكِيَةِ إِسْلَامُهُمَا وَحُرِّيَّتُهُمَا وَبَرَاءَتُهُمَا مِنَ الدَّيْنِ ان اشْترط مُرُورُ الْحَوْلِ عَلَيْهِمَا وَمِلْكُهُمَا النِّصَابَ.
قَاعِدَةٌ:
مَتَى كَانَ الْفَرْعُ يَخْتَصُّ بِأَصْلٍ أجْرِيَ عَلَيْهِ مِنْ غير خلاف وَمَتى دَار بَين اصلين واصول يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهِ لِتَغْلِيبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَعْضَ تِلْكَ الْأُصُولِ أَوْ تَغْلِيبِ غَيْرِهِ أَصْلًا آخَرَ كَمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَجِبُ فِي قَتْلِ أُمِّ الْوَلَدِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْأَرِقَّاءِ لِإِبَاحَةِ وَطْئِهَا والأحرار لِامْتِنَاع بيعهَا وَالتَّوْلِيَة مِنَ الْمُكَاتِبِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَبَيْنَ الرَّقِيقِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ دَائِرٌ بَيْنَ أَنْ يكون شَرِيكا بِعَمَلِهِ وَرب المَال بِمَا لَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَنَقْصِهِ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلِعَدَمِ تَعَلُّقِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ بِالذِّمَّةِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لِاخْتِصَاصِ رَبِّ الْمَالِ بِغُرْمِ رَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلٍ وَهُوَ شَأْنُ الْإِجَازَة وَمُقْتَضى الشّركَة ان يملك بالظهور وَمُقْتَضى الإجازه أَلَّا يَمْلِكَ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ فَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الشَّوَائِبِ سَبَب الْخلاف فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ كَمَّلَ الشُّرُوطَ فِي حَقِّ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَمن غلب الْإِجَازَة جَعَلَ الْمَالَ وَرَبِحَهُ لِرَبِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَامِلُ أَصْلًا وَابْنُ الْقَاسِمِ صَعُبَ عَلَيْهِ إِطْرَاحُ أَحَدِهِمَا فَاعْتبر وَجها فَمن هَذِه ووجها مِنْ هَذا قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِسْقَاطهَا عَن الْعَامِل بالدن اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُمْلَكُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَالزَّكَاةُ وَجَبَتْ قبله فَلَا يضر رقّه وَلَا دَيْنُهُ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِنُفُوذِ عِتْقِهِ إِذَا رَبِحَ إِلَّا أَنَّهُ فِيهِ شَائِبَتَانِ وَيُلْزِمُ مَنْ يَقُول بالمقاسمة أَن لَا يُحَاسِبَ الْعَامِلَ بِالزَّكَاةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الرِّبْحَ رَقَابَةٌ عَلَى الْمَالِ وَمَصْرِفُ كُلْفَةٍ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الزَّكَاةَ بِجُمْلَتِهَا تَخْرُجُ مِنَ الرِّبْحِ لِهَذَا الْمَعْنَى.
فَرْعَانِ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْأَصْلِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ زَكَاةِ الرِّبْحِ يَرْجِعُ الى ان الْعَامِل الرّبع مثلا لاربع عُشْرِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ وَاشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ قَدْ تَسْتَغْرِقُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَالْمُزَكَّى هُوَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ حِصَّةِ الْعَامِل على رب المَال لاحْتِمَال ان لَا يَخْرُجَ رِبْحُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ وَرُوِيَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاط زَكَاة الرِّبْح على وَاحِد مهما وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَفَاصَلَا قَبْلَ حَوْلٍ أَوْ كَانَ الْمَالُ لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ رُبُعُ عُشْرِ الرِّبْحِ مَعَ حِصَّتِهِ كَمَا لَو اشْترط لأَجْنَبِيّ نِصْفَ الرِّبْحِ فَأَبَى مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لِمُشْتَرِطِهِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَبِحَ فِي الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَتَعَامَلَا عَلَى النِّصْفِ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ فَلِرَبِّ الْمَالِ دِينَارٌ مِنَ الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ نَصِفُ الْبَاقِي فَيَحْصُلُ لَهُ عِشْرُونَ وَنِصْفٌ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ عِشْرُونَ وَلِلْعَامِلِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَيَقْتَسِمَانِ الدِّينَارَ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ مَبْنِيٌ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلُكُ بِالظُّهُورِ وَأنَّ الدِّينَارَ عَلَى مِلْكَيْهِمَا نَشَأَ وَالْأَوَّلُ عَلَى مِلْكِهِ بِالْمُقَاسَمَةِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ لَا يُزَكِّي الْعَامِلُ وَإِنْ أَقَامَ أَحْوَالًا حَتَّى يَقْتَسِمَا قَالَ سَنَدٌ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ مُسَافِرًا لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَدْرِي مَا حَالُ مَالِهِ وَالْعَامِلُ كَالْأَجِيرِ فَإِنْ تَمَّ حَوْلُهُ قَبْلَ سَفَرِ الْعَامِلِ وَهُوَ عَيْنٌ لَمْ يَشْغَلْهُ قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ وَإِنْ أَشْغَلَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ وَهُوَ مُدِيرٌ قَوَّمَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ عَلَى سَنَةِ الْإِدَارَةِ وَإِنْ كَانَ محتكرا وَرب المَال مديرا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَوِّمُهُ مَعَ حِصَّةِ رِبْحِهِ دُونَ حِصَّةِ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالَ نَفْسُهُ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ إِلَّا بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَحِصَّةُ الْعَامِلِ إِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا تَبَعًا لِلْوُجُوبِ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا وَأَمَرَهُ بِالتَّزْكِيَةِ زَكَّاهُ وَحُسِبَتِ الزَّكَاةُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْمُقَاسَمَةِ أَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالظُّهُورِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَخذه السُّلْطَان قَالَ اشهب يُجزئهُ ويحتسب مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِ الْعَامِلِ مِنْ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَيُخْتَلَفُ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَمَنِ مِلْكِهِ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ يُزَكِّي لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ لِأَنَّ الْمَالَ يُنَمَّى وَقَالَ مَرَّةً لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ رَدِّ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ وَلَوِ اقْتَسَمَا وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرٌ وَالْعَامِلُ غَيْرُ مُدِيرٍ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْعَامِلِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ إِلَّا لعام وَاحِد وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّفَقَا فِي الْإِدَارَةِ فَفِي تَقْوِيمِهِ عِنْد الْحول خلاف وَفِي اخراجه الزَّكَاةَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ مِنَ الْمَالِ أَوْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ خِلَافٌ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَبِّ المَال فِي الادارة اشار ابْن مُحرز الى إجزائه عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ لَهُ مَالَانِ مَدَارٌ وَغَيْرُ مَدَارٍ وَإِذَا قُلْنَا يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ فَالْمُعْتَبَرُ حَالَة الِانْفِصَال إِنِ اسْتَوَى مِقْدَارُهُ فِي جَمِيعِ السِّنِينَ أَوْ كَانَ الْمَاضِي اكثر فان كَانَ أنْقصَ زَكَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ فِيهَا فَإِنِ اخْتَلَفَ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ زَكَّى النَّاقِصَةَ وَمَا قَبَلَهَا عَلَى حُكْمِهَا وَزَكَّى الزَّائِدَةَ عَلَى حُكْمِهَا وَالنَّاقِصَةَ قَبْلَهَا عَلَى حكمهَا مثل ان يكون فِي الأول مِائَتَيْنِ وَفِي الثَّانِي مِائَةٌ وَفِي الثَّالِثِ ثَلَاثُمِائَةٍ فَيُزَكِّي عَن مِائَتَيْنِ فِي العامين الْأَوَّلين وَعَن ثَلَاث مائَة فِي الْعَامِ.
الثَّالِثِ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَيْنِ وَيُزَكِّي الْعَامِلُ قَبْلَ رُجُوعِهِ الْمَاشِيَةَ وَالثِّمَارَ وَالزَّرْعَ وَزَكَاةَ فِطْرِ الرَّقِيقِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تُحْسَبُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْكِتَابِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ فِي غَيْرِهِ يُلْغَى كَالنَّفَقَةِ وَالثَّالِثُ يَجْرِي فِيهِ إِنْ رَبِحَتْ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ بِقَدْرِ رِبْحِهِ وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالرَّابِعُ مَا فِي الْكِتَابِ يُخْرِجُهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ وَلَمْ يخْتَلف الْمَذْهَب فِي نض زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ بِيعَتِ الْغَنَمُ بِرِبْحٍ فَضَّتْ عَلَيْهِ وَعَلَى رَأْسِ الْمَالِ كَالنَّفَقَةِ أَوْ بِغَيْرِ رِبْحٍ وَأَيُّمَا حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَحَطَّ قَدْرَهَا من رَأس المَال وَلَا يلغى لَيْلًا يَكُونَ عَلَى الْعَامِلِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ وَالرَّقِيقُ يُرَاعَى الرِّبْحُ فِي أَثْمَانِهِمْ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ مَعَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُسْقِطُ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ الشَّاةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مِنْ مَالِهِ دُونَ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ قِرَاضٍ بَعْدَ الشُّغْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ ذَلِكَ حَتَّى نَضَّ الْمَالُ كَانَ لِلْعَامِلِ فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الشَّاةِ مَا يَنُوبُهُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ.